التعاونيات المصرية
بوابة التعاونيات المصرية

ولاء مدبولي تكتب: إلى صديقتي في غزة .. فلنتخيل سويا.

-

ولاء مدبولي تكتب: إلى صديقتي في غزة .. فلنتخيل سويا.

أشتقت لك يا صديق .. منذ متى لم أراسلك، وأنت لم تحاول بالمبادرة .. لا بأس أعتدت على صمتك.
لست وحدك الصامت في هذا العالم .... ما العالم إلا ثرثرة مخادعة كاذبة في حقيقتها صمت حقير.

أقتربت أكثر في تلك الفترة من صديقة على مواقع التواصل الإجتماعي، تدعى (مريم) جميلة
تبلغ من العمر تسعة و عشرون عاما ... من أهالي غزة البواسل .

لماذا لم تتيح لنا التكنولوجيا حتى الآن أن نذهب من مكاننا العاجز هذا إلى حيث من نحدثه ونعزم النية بالرحيل إليه ؟ لماذا؟
لن أحدثك عن غزة وما يحل بها كل يوم من ندالة وخثة ... حدثتك سابقا كثيرا
ولا أملك إلا الحديث، ولا أرجو إلا استجابة الله لدعائنا
كنت أحدثك عن أحلامي تجاه تلك الأمة الغافلة، متمنية.
يجب أن اتخطى تلك الأمنيات الطفولية.. فهي مخادعة وتصيب القلب بحسرة كبيرة، كطفل يرى نفسه (سبايدر مان)
تغذا عقله وقلبه بتلك الفكرة، شاهد مرارا وتكرارا الفيلم، أُهدي في عيد ميلاده، تلك البدلة الساحرة الملونة بلوني الأحمر والأزرق .. ها أنا الآن جاهز لإنقاذ العالم ... يسقط الطفل من على الأريكة مصاب بجروح بسيطة في جسده وجرح عميق في عقله.
أنا لم أطير يا أمي !! كيف ذلك ؟

كانت تشاركني (مريم) أوجاعها بالكلام والصور والذكرايات
تغلغل بداخلي وجعها، فأصبحت لم أتمكن من المواساة، ماذا أقول لها بربك أخبرني ؟ ألست صديقي ؟ ساعدني يا صديق.

هي الأم التي فقدت الأخ والأب والزوج وثلاثة من أبنائها حتى الآن
هي التى بلا مأوى ومعها طفلتين ... شاركتني صور ما كان قديما، منزل بسيط وأسرة مكونة من أب يعمل بالتجارة بشوش يحب عائلته وأبنائه كثيرا، تمنى أن يصبح أحد أبناءه طبيب والآخر معلم والثالث عالم، أما الفتاتان تمنى أن يرهما بفستان الفرح .... قد زُف شهيدا هو وسبقهم بالأبيض.
سبحان من أثلج على قلبك يا (مريم) ... تحدثيني بتلك البساطة ومازال بداخلك حياة ... أعلم أنه إيمان بالله، فقط
فقط ... لا أكثر فليس هناك بشر.

عادة أحب أن اسأل واتعمق مع من أحاوره كثيرا، لأتمكن من أن أكون جزء من روايته .... عجز لساني، كنت أتجنب السؤال، فهول الإجابة لن اتحمله .

كم كنت حمقاء، ذات مرة أثناء حديثنا الذي استمر لقرابة الثلث ساعة بدأته أنا بالإطمئنان عليها وعلى بناتها، وما جعل حديثنا يمتد، رغبتها بالكلام، كانت بحاجة لتحلم، لتتذكر لتخرج من هذا الجحيم ولو لبضع دقائق ... نهيت حديثي بكلمة (سلام) اعتدناها، أي سلام أخربها إياه! لأبد أن أختار مرادفاتي بعناية أكثر من ذلك ... فصديقتي مريم في عالم آخر حقيقي وموجع، غير عالمي الصاخب الندل.

مريم ... فلنتخيل سويا، بأن هناك رجلا سيظهر عاجلا على هيئة سيف الله المسلول سيدنا (خالد بن الوليد)
ستنجو غزة يا مريم قريبا ....