وفاء الأخضر عمار تكتب .. سفينة نوح
كثير من النخب،،،والخبراء الاقتصاديين الذين صدعوا أدمغتنا عبر كل الوسائط التقليدية والحديثة،،لا يأبهون بماهية "التعاون" وتاريخ الحركة الشعبية الأهلية رغم ما لها من رصيد تاريخي يفوق القرن،،،ورصيد شعبي يفوقه في عدده أي تنظيم سواء كان سياسيا"أحزاب" أو أهلي"المنظمات الاهلية"
إن الحركة التعاونية بوجه عام ليست بديلا لأي نظام اقتصادي،،ولكنها أداة فعالة في تحقيق القيمة المجتمعية لرأس المال،بأبعادها التعليمية والصحية و الثقافية والتنويرية،،ناهيك عن ما تحققه من مردود إجتماعي في نشر ثقافة المواطنة والسلام، والقضاء على فكرة تسوق الاحباط واليأس والغضب والانتقام والسلوكيات السلبية من خلال برامج تثقيفية وتربوية لأعضائها ولأفراد المجتمع ككل مما يساعد على الحد من الفكر المتطرف الذي يتزايد شيوعه وانتشاره مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة والأزمات الخانقة والمتتالية،،،،،إذ أصبح التطرف سلوكا وواقعا يعاني منه المجتمع،،،فالمنظومة التعاونية قادرة على شحذ الهمم ونشر الوعي الجمعي،،،والعمل التطوعي والمقاومة في التغيير الإجتماعي من مجتمع سلبي مستهلك لكل ما يأتيه من الخارج إلى مجتمع قوي وفاعل يأخذ ما ينفعه،،ويغربل الآتي من الآخر،،ويقدم بدائل،،أي يتحول الأفراد من مستهلكين إقتصاديا وثقافيا إلى شركاء في إحداث التنمية،كما يستطيع هذا القطاع من خلال إتحاداته ومنظماته أن يتبوأ مكانة تنموية تمكنه من التحليق بجناح اقتصادي وآخر اجتماعي،،،وبطاقة شعبية واعدة، وفي إطار تنظيمي مؤسسي،، وقد أشادت كل تقارير الأمم المتحدة بالتعاونيات،وبأنها أثمن أدوات التنمية الاقتصادية والاجتماعية الهادفة إلى رفع مستوى معيشة المواطنين ،وبأنها وفرت أسباب العيش لما يزيد عن ٣ مليارات نسمة وأن حجم عضويتها يفوق مليار تعاوني وأن نصف سكان المعمورة يستفيدون بدرجة أو بأخرى من التعاونيات التي تلعب أدوارا إقتصادية واجتماعية مهمة في مجتمعاتها.
لم تتوقف المؤسسات الدولية عند هذا الحد،بل أقرت من جهة أخرى التقرير الدوري للأمين العام للأمم المتحدة مشيرا بتجارب الأمم التعاونية ومن بينها التعاونيات المصرية وكان ذلك في عام٢٠١١ ودورها في تلبية مطالب الإنسان في السكن والغذاء والتنمية والثروة وإزالة التوترات الإجتماعية،،والقضاء على كل صور التطرف،،،وسيادة المنتجين والمسؤولين على مراكز الإنتاج والأسواق،،والقضاء على الفقر وتوفير فرص العمالة.
إن الحركة التعاونية المصرية من أقدم الحركات التعاونية في العالم ولا أذهب بعيدا حين أصفها ب"سفينة نوح" التي لديها القدرة على استيعاب ولملمة شمل المجتمع اقتصاديا واجتماعيا،،وفيما يخصنا تمثل المؤسسة التعليمية الرائدة في مجال "التعاون" على مستوى الدول العربية وهو المعهد العالي للدراسات التعاونية والإدارية،نقطة إطلاق لقيام هذه المؤسسة العلمية التعاونية الضخمة بالتعاون مع الحركات التعاونية الشعبية بدراسات شاملة لأننا أصبحنا بحاجة ماسة لتحليل حالات النجاح،وأيضا الفشل بهدف التعرف على الأفكار والنوايا التي تفيدنا كوطن وفقا لظروفنا وأوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية،ونشير هنا إلى أن المعهد فعليا قد اهتم بهذا الجانب من خلال تنظيمه للمؤتمرالعلمي للحركة التعاونية منذ سنوات غير بعيدة ،،وكذلك تنظيمه للملتقى العلمي لقيادات وكوادر الحركة التعاونية إسهاما منه في مسيرة التغيير
وأخيرا ،،لا بد أن يعي الجميع مسؤلون وخبراء و مؤسسات أن "التعاون" هو بالفعل سفينة الإنقاذ لكثير من هموم وقضايا،،وأيضا احلام وطموحات الشعب والوطن،،،وهو الضامن الحقيقي ووثيقة الائتمان للسلام الاجتماعي.،،،،وللحديث بقية