فيفيان سمير تكتب.. أين كنزك
"تذكّر دائمًا، أنه حيث يكون قلبك يكون كنزك" - باولو كويلو.
الخيميائي هي رواية رمزية من تأليف باولو كويلو، نشرت لأول مرة عام 1988. وتحكي عن قصة الراعي الإسباني الشاب سنتياغو في رحلته لتحقيق حلمه، الذي تكرر أكثر من مرة والذي تدور أحداثه حول كنز مدفون في الأهرامات بمصر. ذهب سانتياغو وراء حلمه، حيث بدأت رحلته من اسبانيا عندما التقى الملك "ملكي صادق" الذي أخبره عن الكنز، عبر مضيق جبل طارق مارا بالمغرب حتى بلغ مصر، وكانت توجهه طوال الرحلة إشارات غيبية، وفي طريقه للعثور على كنزه الحلم، أحداث كثيرة تقع، كل حدث منها استحال عقبة تكاد تمنعه من متابعة رحلته، إلى أن يجد الوسيلة التي تساعده على تجاوز هذه العقبة ليقابل في رحلته الإثارة، الفرص، الذل، الحظ والحب.
الخيميائي هي الرواية الثانية التي كتبها باولو كويليو ولم يلاحظه أحد تقريبا، أخبره بائع الكتب الأول الذي عرض كتابه للبيع بأن شخصا واحدا فقط اشترى نسخة منه بعد إصداره.
بقدر ما كان سماع ذلك مؤلما ومخيبا للآمال، ظلّ كويلو واثقا في عمله، وانتظر ظهور نتائج أفضل، لكنها كانت بطيئة في الظهور حيث مرت ستة أشهر قبل بيع النسخة التالية. الغريب أن الشخص الذي اشترى كتابه الأول هو نفس الشخص الذي اشترى الثاني.
بعد تلك السنة الأولى قرر الناشر أن الكتاب كان فاشلاً وأنهى عقد كويلو. ومع ذلك تجاهل كويلو تلك الهزيمة الأولية. وقرر عدم الاستسلام، بل تضاعف حينها حماسه لمتابعة مسيرته ولإيجاد ناشر آخر.
لم يكن العثور على ناشر جديد بالمهمة السهلة، حيث قوبل بالرفض تلو الرفض. لكنه تمكن أخيرا من الوصول إلى ناشر جديد، ومعه فرصة أخرى لتحقيق حلمه.
وكان له ذلك بالفعل! في البداية، باع ثلاثة آلاف كتاب فقط. لكن المبيعات استمرت في الارتفاع، حيث باع بعد ذلك عشرة آلاف، ثم 100 ألف، واستمرت مبيعات كتبه في النمو عامًا بعد عام، حتى تم بيع أكثر من 150 مليون نسخة من كتاب "الخيميائي"، مما جعل كاتبها من أشهر الكتاب العالميين، الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو حقيقة أنه باع أكثر من 320مليون كتاب عند إحصاء جميع أعماله.
في أعماق كل منا تسكن حكاية خاصة، متشابكة التفاصيل الدقيقة التي تميزها وتمنحها جاذبية ورونق. إنها الحكاية التي تروى بصمت وتتلاعب بأوتار القلب، وتنبض بروح شديدة الخصوصية. فكل منا يحمل قصة تعكس رحلته، تلونها ألوان الفرح والحزن، النجاح والفشل، وترسمها خطوط الخبرات والتجارب، تتشكل من التفاصيل الصغيرة التي قد تبدو تافهة للبعض، ولكنها تشكل أساسا لجمالية القصة، تحمل في طياتها الكثير من المعاني والدروس، تعكس تحديات وانتصارات، تجسد أحلام وأمنيات. فكل لحظة، كل تجربة، كل لقاء يسهم في كتابة تلك الحكاية الفريدة. وفي كل لحظة نجد أنفسنا أمام باب جديد ينتظر أن نفتحه، لنستقبل ما يحمله من تحديات وفرص جديدة لنعيد بناء أنفسنا، لنغسل قلوبنا من الغبار ونمحو آثار الفشل. عندما نفتح أعيننا وقلوبنا للفرص التي تأتي إلينا، نجد أن الحياة تكون أكثر سخاء وجمالا، ولكن علينا أن نكون مستعدين لتقبل التحديات والتغييرات، لنتعلم منها ولنعش كل لحظة كفرصة للنمو والتطور. إن الفرص تأتي في أشكال مختلفة، قد تكون صغيرة كحبة الرمل، ولكنها قادرة على تحقيق تأثير كبير إذا استطعنا استغلالها بحكمة؛ فلنستعد لمواجهة الحياة بكل جرأة وثقة ونستعد لاستقبال البدايات الجديدة بذراعين مفتوحتين وقلب ينبض بالأمل. إن الفرص ليست مجرد فرصة لتحقيق أحلامنا، بل هي أيضاً فرصة لنكون نسخة أفضل من أنفسنا، لنبني حياة تنبض بالإيجابية والتفاؤل والجمال، ونكمل الرحلة بكل شغف وإصرار وتحدي.
فلنرحب بالسنة الجديدة بكل حب وتفاؤل، إنها بداية جديدة، فدعونا نحتفل بفرصة جديدة لنبدأ من جديد، لنحلم من جديد، ولنعش من جديد بقلب مفتوح، بعقل واع، وروح حرة. ولنتذكر دائما الجملة التي قالها الملك لسانتياغو: "إذا رغبت في شيء.. فإن العالم كله يطاوعك لتحقيق رغبتك".
كل عام وجميعكم بخير قادرون على الحلم وعلى تحقيقه، ويبقى كنزك دائما بقلبك.